☂ مُنّتَديَاتْ صَمتْ المَشَاعرْ☂
اهلاً وسهلاً بكَ عزيزي الزائر بمنتديات صمت المشاعر لكل العرب ندعوك للأنضمام لأسرتنا المتواضعة وندعوك للتسجيل معنا المديرة العامه وصاحبة الموقع صمت المشاعر ترحب بكم ويسرها زيارتكم مع فائق الأحترام والتقدير
☂ مُنّتَديَاتْ صَمتْ المَشَاعرْ☂
اهلاً وسهلاً بكَ عزيزي الزائر بمنتديات صمت المشاعر لكل العرب ندعوك للأنضمام لأسرتنا المتواضعة وندعوك للتسجيل معنا المديرة العامه وصاحبة الموقع صمت المشاعر ترحب بكم ويسرها زيارتكم مع فائق الأحترام والتقدير
☂ مُنّتَديَاتْ صَمتْ المَشَاعرْ☂
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

للجميع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  العاب اونلاينالعاب اونلاين  فضاءات الشعر الجاهلي O16  

 

 فضاءات الشعر الجاهلي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ياسر الخطيب

ياسر الخطيب


نقاط : 546
العمر : 41
عدد المساهمات : 355
السٌّمعَة : 1

فضاءات الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: فضاءات الشعر الجاهلي   فضاءات الشعر الجاهلي Icon_minitime1الثلاثاء 19 يناير 2010, 3:45 pm


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي وأخواتي اقدم لكم اليوم مقالة أدبية في الشعر الجاهلي
فضائه الرحب والمتسع بكل معنى الكلمة
الفضاء في الشعر الجاهلي(*)
حسن مسكين
هناك ثنائية بنيوية تحكم نسق الفضاءات الجاهلية: قطبها الأول: قبول عناد الأمكنة الغريبة الموحشة، ورفض حماية الأمكنة الأليفة. وهذه الثنائية تخضع بدورها لثنائية مؤسسة هي ثنائية الذكورة والأنوثة: فإذا كانت الذكورة تمثل حياة الجاهلي حيث إثبات الذات وعنادها وإصرارها على التجاوز والاختراق الدائم، فإن الأنوثة هي الضعف والاستسلام لكل سهل يسير، وجميل وطبيعي
ليس غريبا أن يحظى الشعر الجاهلي بهذه الكثرة الهائلة من البحوث والدراسات على امتداد فترات طويلة، أفرزت عدة أنماط من المقاربات، منها ما هو وصفي، تفسيري وما هو (تحليلي) منتج. لكن إذا كنا نقر بأهمية هذه الأنماط من الدراسات في تقريب هذا الجنس من الإبداع إلى المتلقي، هل بإمكاننا –فعلا- أن نتحدث عن اختلاف أو تنويع لمسارات الرؤى، وزوايا النظر التي تبعد هذه النمطية المهيمنة أداة ومنهجا واستنتاجا؟
1 – لن أكون مبالغا إذا قلت إن إحدى أبرز سمات هذه الأعمال المنجزة حول الشعرية الجاهلية تكمن في هذا التشابه الذي يصل أحيانا إلى حد التماثل، مما جعل من الإنجاز الجاهلي نصا واحدا تتكرر نسخه عند هذا الشاعر أو ذاك، إلى درجة دفعت الكثيرين اليوم إلى التساؤل عن جدوى الخوض في دراسته، أو البحث في قضاياه الشكلية أو الموضوعية.
إن رؤية من هذا القبيل تحجب عنا كثيرا من "الحقائق" الكامنة في النص، والتي لا زالت تحتاج إلى نوع خاص من الإضاءة لسبر أغوارها، وكشف أسرارها، ومن أبرزها موضوع (الفضاء) خاصة إذا تم تناوله من رؤيا تحسن الإصغاء، وتتابع الحفر في النصوص، وتتمثل الإشكالات الشعرية في منابعها، ولا تتعجل النتائج، وإنما تستخلصها بتدرج.
ولا تغرنك هذه الوفرة في الدراسات والمقاربات وإن ادعت لنفسها الموضوعية واطراد النتائج. فالمتون الشعرية ذاتها تشهد على أن البون لا يزال شاسعا بين الرغبات والمنجزات. وأحسب أن من وراء هذه المفارقة مجموعة أسباب أوجزها في ثلاثة:
أولا: هناك قصور واضح في الآليات والتصورات التي يتم الاستناد إليها في تحقيق الأهداف المحددة.
ثانيا: السير على النتائج السابقة، دون محاولة مساءلتها أو محاورتها، وكأنها فرضيات لا تقبل الجدل أو حقائق مطلقة.
ثالثا: هذا الانبهار الشديد بالنظريات الحديثة، التي –غالبا- ما يتم نقلها مجردة من مرجعياتها وخلفياتها المعرفية، وتجريبها على النص الجاهلي، بلا مراعاة لخصوصية هذا الخطاب المنتمي لحضارة، ومناخ عربي، جاهلي متميز، أو على النقيض من ذلك التشبث المطلق بالقراءة (القديمة)، التي لا ترى في هذا الشعر إلا محتواه الظاهري، فيما يعرف بالواقعية الشعرية.
غير أن هناك تجارب أخرى –وإن كانت قليلة- استطاعت أن تسير في اتجاه تأسيس مقاربات منتجة للشعرية القديمة، وأخص هنا بالذات تجربتين اثنتين: تجربة أحمد بوزفور المحلل والناقد، والقاص، ثم تجربة عبد الله الغذامي المحلل، الناقد والآن يمكن أن نضيف بكل اطمئنان تجربة ثالثة، يمثلها الباحث رشيد نظيف في هذا العمل: (الفضاء المتخيل في الشعر الجاهلي)، وذلك لأسباب عديدة سأحاول عرض بعضها موجزة الآن، تاركا تفاصيلها فيما سيأتي داخل هذه المداخلة.
أما الأسباب أو المقومات موجزة فهي كالآتي:
أولا: إن موضوع الكتاب، وفي الصورة التي قدم بها يشكل جانبا أو مكونا مركزيا ظل مهمشا في جل الكتابات المتخصصة في الشعرية الجاهلية.
ثانيا: هذا الحرص الشديد على متابعة النصوص أولا بالقراءة الصبورة غير المتعجلة للنتائج، أو الأحكام.
رابعا: عدم التضحية بالمتن الشعري لصالح المنهج كما هو سائد في كثير من المقاربات.
خامسا: اعتماد الشعر نفسه في تفسير وتحليل الشعر أو ما يمكن أن نطلق عليه تحليل الشعر بالشعر.
سادسا: هذا الاجتهاد المتواصل عبر الكتاب كله لقراءة الشعر في سياقه على خلاف ما هو مألوف في الدراسات السابقة، حيث ينتزع البيت ليصير شاهدا على قاعدة نحوية أو بلاغية داخل تفسير يبتغي الشعرية هدفا له، مما يسيء إلى النص ويشوه معالمه.
سابعا: هذا التوظيف الذكي، والواضح –في الغالب- لمجموعة نظريات حديثة، تتجاوز في تصورها للفضاء ما انتهى إليه القدماء، بحيث يتحول هذا العنصر من كلمة بسيطة، إلى مكون رئيس في العمل الفني، وأحد أهم الأنساق التي يقوم عليها النص الأدبي بل وكما يقول السيميائيون "نموذجا لبنية الأمكنة الواقعية التي قد تكتسب دلالة عميقة عند وصفها في مقابلة مع بقية الأنساق المكونة للنص الأدبي (مثل الزمان والماء والحيوان..) أو لغيره من العوالم المجاورة له (الواقع الجغرافي، الاجتماعي، النفسي..). إنها كما يقول لوتمان عنصر منسق يضيء بقية مكونات القصيدة، أو تشكل حوله العناصر اللامكانية".
2 – وحتى تتضح ملامح هذه المداخلة أكثر، وتنجز ما وعدت به في البداية، ستركز على بعض القضايا التي أعتبرها بانية لمسارات الكتاب وموجهة لأطروحته الرئيسية.
أما القضية الأولى فترتبط بالمنهاج والمرجعية: ذلك أن المنهاج الذي استند إليه المؤلف منهاج خاص، وخصوصيته تنبع من مقومين: الأول يعود إلى مرجعية أصيلة تنهل من المتميز والوظيفي في النقد العربي والثانية وهي الأهم بالنسبة لي على الأقل في جانبها الإجرائي، فتستند إلى علوم حديثة كالتحليل السيميائي والنصي، المفتوح على معارف وعلوم أخرى كعلم النفس والاجتماع والأنتروبولوجيا، استطاع المؤلف استثمارها بذكاء خاص، ونسجها في خيط متين هو القراءة الناظمة المنتجة لتخريجات لافتة للنظر، مغرية بالتأمل، وجديرة بالاهتمام سمحت بتكوين تصور جديد عن (الفضاء) في أبعاده الدلالية والرمزية، الواقعة والمتخلية أساسا. خاصة حين تم التأطير لها منذ البداية بتحديد دقيق لأبرز مصطلحاتها بدءا بـ:
1-2-الفضاء المتخيل: أي "مجموع العناصر المكانية الواردة في الشعر الجاهلي بما هي أشكال طوبوغرافية وأعلام جغرافية، هي بمثابة نسق يعيد تشكيل الواقع دون أن يكون نسخة مطابقة له. كما أنه يعرض موقف الشعراء من العالم، ويكشف عن دلالات وطرق اشتغال الأمكنة في نسيج الشعر الجاهلي".
على أن هذه الدلالات لا تقف عند حدود نموذجية، محددة، بل إنها قد "تتجاوز الأشكال الطوبوغرافية والأعلام الجغرافية لتشمل حروف الجر والظروف وأسماء الإشارة بما أنها عناصر مرتبطة بالمكان، وقد تساهم في بناء فضاء متخيل، كما يثير الفضاء قضايا نظرية متعلقة بحضور الذات المدركة وكذا دلالات ووظائف عناصر هذا الفضاء وتصنيفاتها" غير أنه –كان بالإمكان- كما يبدو لي أن تستثمر هذه الدلالات المتعددة للفضاء –بالشكل الذي حدد في الكتاب- وأن تتسع دلالات ورمزية هذه الأقطاب الفضائية. كما وظف المؤلف أيضا أقطابا أخرى تتصل بالجهات (يمين/يسار-خلف/أمام…) إذ الجهات أيضا محددات مركزية للفضاء، لها دلالاتها ورمزياتها، خاصة أن الشعر الجاهلي حافل بها.
2-2-وجهات النظر: هذا مصطلح اغتنى هو الآخر بفضل هذه التعريفات والتصورات التي منحت له، منتجة بذلك ثراء في الدلالة سمحت للمؤلف بتوظيفه في توليد تصور خصب عن الفضاء: فانطلاقا من مصطلح (وجهات النظر) والتعريفات التي قدمتها النظريات الحديثة سواء عند: (جيرار جنيت أو جاكبسون – ولوتمان – أو باشلار أو كيستاف أو كريماس)، استخرج المؤلف أنواعا من الفضاءات في الشعر الجاهلي هي بمثابة أقطاب فضائية (مرتفع/منخفض) (واسع/ضيق) (صلب/رخو) (جذب/مخصب) (هدم/بناء) (مياه/رمال) (وادي/طريق).
بل إنه قد توفق في رسم دلالات هذه الأقطاب الفضائية، فالخفض دليل الذل والانحطاط يقابله الارتفاع من العزة وعلو الشأن، بل إن المؤلف وفي محاولة لتأكيد هذا التخريج القرائي استحضر المعاجم العربية بتواز مع ما يتضمنه الشعر، فتوصل إلى أن "معارضة الكلمات الدالة على الارتفاع بالتي تدل على هذين الفضائين: الخفض والرفع" وتزداد هذه الخاصية تأكيدا حين نعلم أن الارتفاع في القرآن الكريم يقتصر في دلالاته على العزة والدرجة والمرتبة المعنوية أو الفضائية".
وتزداد هذه الدلالة أهمية حين يتوسل المؤلف لتعميقها بما تقترحه بعض التصورات الدينية، خاصة في مصطلح (التبئير) حيث "الانطلاق من مكان الذات المدركة لتحديد الفضاء القريب والبعيد، الأليف والغريب(…) إذ يستحيل تحديد مكانها دون اعتباره مركزا للذات أو محيطا لها. فالتعريف الأول للفضاء تعريف سلبي، إذ يتم تحديده بمضاده، فما يملكه الإنسان وما يعرفه يتحدد بما لا يملكه وما يجهله من الأمكنة" كما يذهب إلى ذلك النفسانيون.
2-3-الوظائف والدلالات: سأقف عند هذا المصطلح ما دام المؤلف ركز عليه كثيرا، وذهب بعيدا في استثماره، بل والتأطير له من البداية بمرجعية تسدد موقفه من الشكل والمضمون، مستعينا بتقييم أو قراءة ليفي ستراوس لأطروحة الشكلانيين والبنيويين في الشكل، منتهيا إلى تصور هام لهذه العلاقة، مميزا بين: الحديث (عن) الأمكنة، والحديث (بالأمكنة): ففي الحالة الأولى: "تعلن الأمكنة عن دلالاتها الأسطورية والتاريخية والنفسية، وتساهم الدلالات في شحن النص الشعري ببديهيات يمتلكها المتلقي فتوهمه بكل ما تشع به اللفظة الدالة على المكان".
أما في الحالة الثانية: (أي حين نتحدث (بالأمكنة) ونعتبرها وسائل ينتظم بها النص الشعري معجما وتركيبا ووزنا وقافية وغرضا فإنها تعلن بذلك عن وظائفها داخل النص الشعري، فالأمكنة بهذا تشغيل في بناء لغة النص الأدبي كما تتوفر على دلالات ثقافية واجتماعية". غير أنني وإن كنت أقر بوجاهة هذا التوظيف الذكي لهذا التصور في استخراج هذه الدلالات المتنوعة من ثنايا المتن الشعري، إلا أنني أقف لأسائل المؤلف عن التفسير الذي استند إليه في اعتماد مفهوم الوظائف ومفهوم الشكل والمضمون، خاصة وأنه أقر بأن الشكلانيين على عكس البنيويين ينطلقون من الشكل بمعزل عن المضمون وهذا في اعتقادي يحتاج إلى دلائل وحجج، إذ الشكلانيون كما شهدت على ذلك أدبياتهم لا يؤمنون كما قد نعتقد بعزل الشكل عن المضمون، بل يعتبرون الشكل مضمونا والمضمون شكلا: أي وحدة غير قابلة للتجزيء لأنها كما يقول تينيانوف "ليست كيانا تأطيريا، مغلقا بل تكامل ديناميكي له جريانه".
ويزداد هذا التساؤل إلحاحا حين يقر المؤلف بأنه في دراسته للمعلومات التاريخية والجغرافية. وفي دراسة لأسماء الأعلام جغرافية أو غير جغرافية، فإنه يسير في اتجاه فصل الشكل عن المضمون ويغفل ما لهذه الأعلام من ارتباط بمحكيات تاريخية وثقافات بعيدة في الزمان والمكان".
ويبدو لي أنه من الصعب الالتزام بهذا الفصل حين نود دخول عالم شعري كالذي نحن بصدده: عالم جاهلي، بعيد، غريب وعجيب،لأننا لا نملك سلطة إقصاء كل التصورات التي كوناها عن هذا المناخ الجاهلي العام بعوالمه وفضاءاته وأزمنته وأصواته، حتى وإن كانت من نسج الخيال.
2-4-أما القضية الثانية التي شدتني في هذا السياق، فتتجلى في الاستناد الواضح لمفهوم الوظائف: إذ البحث كما حدد المؤلف "قد زاوج بين الحضور الوظيفي والدلالي للأمكنة في الشعر الجاهلي، ما دام غرض القصيدة يعد جزءا من تحديد خصوصياتها الشعرية". حيث يتم استثمار ذلك في إعادة قراءة كثير من الأشعار لاستخراج أبعادها الدلالية، بدءا بما هو خاص وصولا إلى ما هو عام أو نسقي في الشعر كله: من ذلك مثلا هذا التخريج لوظائف ودلالات الأشكال المخصبة، والتي حددها كالآتي "الأولى تقترن بالبعد والغرابة، أما الثانية فتبرز في توجس الشاعر من غدر وتربص الموت في مأمن الحياة، أما الثالثة التأثيرية فتتمثل في قهر الأعداء واغتصاب حماهم، أو في حماية الخصب من كل متصور، في حين تكمن الوظيفة الرابعة (الشعرية) في انطلاق الحبيبة نحو الخصب البعيد المحمي في سياق الغزل. وفي محاولات الشاعر قهر البعد وردع الأعداء في سباق المدح والفخر، وحين تتشول دموعه إلى سيول ينتقل الشاعر إلى غرض الرثاء" ويستند في ذلك إلى أبيات للمرقش الأكبر يطرح فيها رؤيته للخصب والجذب: إذ الخصب لا يدفع عن الأعداء عداءهم، ولا الجذب يمحو حكمة القوم
(لسنا كأقوام مطامعهم كسب الخنا ونهكة المحرم).
والأمثلة على هذا النمط من التخريج لأنواع الوظائف كثيرة وكلها تؤكد على حضور هذا المفهوم كموجه رئيسي للتحليل. غير أن اللافت للانتباه هو هذا الربط المتواصل باستمرار بيت دلالات هذه الوظائف كما هي في الأدبيات الحديثة (جاكبسون أساسا) وما سبق أن انتهى إليه النقد القديم في الأغراض الشعرية (ابن قتيبة أساسا).
فهل كان من اللازم استحضار المفهومين معا حتى تثبت فاعلية التحليل (بالوظائف)؟ أم أن بين المفهومين (إجرائيا) بونا لا يمكن تجاهله في هذا السياق؟ خاصة وأن المؤلف قد أقر ومنذ البداية بأن "البحث قد زاوج بين الحضور الوظيفي والدلالي للأمكنة في الشعر الجاهلي ما دام تحديد غرض القصيدة يعد جزء من تحديد خصوصياتها.
الاستنتاج:
لقد دافع المؤلف وبقوة عن الأطروحة التي ترفض سلطة الواقع والانعكاس والمرجع وتؤمن بسلطة الشعر فقط، هذا الشعر الذي يجعل الأشكال الطبوغرافية "أبعد عن الوهم المرجعي، بحيث لا تغدو مكانا بعينه، وإنما تغدو نسقا أو فضاء متخيلا يحتضن كل العناصر المكانية، ويعلن عن عداء صريح بين الشاعر وفضائه وعن حماية الأرض الأم أو إغراء الأرض الحبيبة التي يرفضها الجاهلي ويرفض معها الاستقرار الذي يعلن عن موت قصيدة لا تستقيم إلا بالنكد والعناة".
إن الجاهلي المتميز بعناده وبحركيته وجلده، باحث أبدا عن النمذجة: نمذجة الأشياء والأمكنة والأزمنة والذوات: دائم التحدي، والإصرار على المواجهة، إيمانا منه بأن الخلود لا يتأتى إلا في هذه الحالات الغريبة، المتمنعة والعنيدة، بدءا بالفضاءات وانتهاءا بمن ارتادها: صديقا كان أو عدوا، في حالة الحرب أو السلم، في الحياة أو الموت. رشيد نظيف –إذن- من خلال هذا العمل:
قارئ متميز، يحسن الإصغاء للشعر، ويصبر على محاورته، وسبر أغواره، وهو في هذه الحالة ينسج علاقة خاصة به، تجعل هذا الشعر الذي يبدو في ظاهره بعيدا وغريبا ومستعصيا: قريبا، وممتعا، وأشد تأثيرا وفاعلية وحين تضاف إلى هذه الخاصية، أخرى متعلقة بحسن توظيف المفاهيم والمناهج الحديثة، التي لا يكتفي بطرحها عارية من مرجعياتها، وأصولها، بل يحدد إطارها العام وأبعادها المعرفية بما يخدم توجهه في التحليل، الذي أثمر في الأخير نتائج هامة من أبرزها:
النتيجة الأولى: مفادها أن الفضاءات في الشعر الجاهلي مقومات فنية تتضمن أبعادا دلالية، ورمزية خصبة، جعلت منها بنيات نسقية، لا يستقيم فهم الخطاب الجاهلي إلا باستحضارها وتمثيلها في كافة تجلياتها: وحدة وتنوعا وامتدادا في أشكالها النسقية، وليس كزخارف أو مكملات.
النتيجة الثانية: تتحدد في أن هذا النسق الشعري الجاهلي وعلى خلاف ما هو متوقع يختار الغريب والمثير والمتمنع والعنيد والصعب أمكنة وأزمنة وأصواتا، لأن فيها حياة هذا الشاعر وسعادته وبقاءه، متفردا، قويا، نموذجيا ليس في حياته فحسب، بل في موته أيضا.
النتيجة الثالثة: تتجلى في أن هناك ثنائية بنيوية تحكم نسق الفضاءات الجاهلية: قطبها الأول: قبول عناد الأمكنة الغريبة الموحشة، ورفض حماية الأمكنة الأليفة. وهذه الثنائية تخضع بدورها لثنائية مؤسسة هي ثنائية الذكورة والأنوثة: فإذا كانت الذكورة تمثل حياة الجاهلي حيث إثبات الذات وعنادها وإصرارها على التجاوز والاختراق الدائم، فإن الأنوثة هي الضعف والاستسلام لكل سهل يسير، وجميل وطبيعي: أي لكل ما لا يتطلب حيزا أو عنادا أو مكابدة ألم يقتحم الشنفرى الوادي البعيد، الضيق، الموحش، حيث تسكن الجن والذئاب والأسود، ليؤكد عناده وإصراره على المواجهة. ألم يكن هذا هو سر ألم حياته عزيزا غير دليل:
وواد بعيد العمق ضنك جماعه
مراصد أيم قانت الرأس أخوف
تعسفت منه بعدما سقط الندى
غما ليل يخشى عليها المتعسف
هكذا ينسج الجاهلي فضاءاته الخاصة، بينها عوالم متخيلة يكرس فيها فصلها النموذجي حتى وهو يواجه الموت المحقق لكن دائما في الفضاءات الغريبة غير المألوفة.
وأعتقد أن هذه النتائج التي مثلت لها يمكن أن تساهم في تغير تلك الصورة النمطية التي كوناها عن الشعر الجاهلي لتفتح الباب أمام تصورات جديدة تعيد الاعتبار للشعرية الجاهلية في مكونات أخرى غير الفضاء. ولا شك أن قارئ هذا العمل سيجد بعضا من هذه الإجابات، وكثيرا من الأسئلة الهامة التي تغري بالتأمل وتصلح مشاريع للبحث والدراسة أملا في تطوير ما انتهى إليه الباحث في هذا العمل، لكن بروح علمية تؤمن بالاختلاف والتعدد والتنوع باتجاه تحصيل التكامل.


وأخيرا لا بد من التنويه بالإخراج الجيد لهذا العمل ولتأثيت فضاءاته، وبهذا الحرص الواضح على تضمين مجموعة من الفهارس الفنية للقوافي والأعلام والشعراء والقبائل والطوائف والبلدان والمواضع والمصادر، بالإضافة إلى الخرائط التي تسمح بنوع من المقاربة الوظيفية بين واقع حددته أدوات وتقنيات حديثة، وبين تصور أنجزه شاعر جاهلي كما ذهب إلى ذلك المؤلف. وهذه إشارة ذكية تختزل أطروحة هذا المشروع برمته الذي يبحث في ذلك التماهي بين عالمين: عالم الوقائع وعالم المتخيل.ولا أضنكم إلا ممن تشاطروني الرأي بذلك ولكن يجب عليكم أن تعرفوا بماهية فراغنا اليوم من هذه المقالات الأدبية وعدم وجود تلك التي ترقي بأصحابها وقرائها للافضل
أعزائي وأخواتي
تقبلوا مني كل الود والإحترام
على ما قدمناه وأرجو أن تكون به المنفعة
أخوكم
ياسر الخطيب






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دلوعة شرسة

دلوعة شرسة


نقاط : 26
عدد المساهمات : 26
السٌّمعَة : 0

فضاءات الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: رد: فضاءات الشعر الجاهلي   فضاءات الشعر الجاهلي Icon_minitime1الخميس 21 يناير 2010, 5:33 am

اه ده موضوع صعب جدا عموما شكرا لك اخى الفاضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سكــون المشاعــر

فضاءات الشعر الجاهلي I44i959dfeebb1
سكــون المشاعــر


نقاط : 1075
العمر : 39
عدد المساهمات : 984
السٌّمعَة : 0

فضاءات الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: رد: فضاءات الشعر الجاهلي   فضاءات الشعر الجاهلي Icon_minitime1الخميس 21 يناير 2010, 7:41 pm

تسلم أيدك أخي ياسر لما سطرت من أبداع وموهبة رائعة

تقبل مروري المتواضع

تقبل مني كل الود والأحترام والتقدير لشخصك الكريم







[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فضاءات الشعر الجاهلي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحب فى الشعر العربى
» تعريف المعلقات الشعر ديوان العرب
» بعض ابيات الشعر الحزين اعجبتني
» •:*`¨*:•.قواعد في كتابة الشعر النبطي •:*`¨*:•.
» اجمل بيوت الشعر العربى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
☂ مُنّتَديَاتْ صَمتْ المَشَاعرْ☂  :: قسم الادبي والشعر العربي والنبطي والزجل :: منتدى الشعر العربي-
انتقل الى: