روى البخاري في صحيحه بسنده عن عطاء بن أبي
رباح قال: قال لي ابن عباس: "ألا أُرِيكَ امرأةً من أهلِ الجنةِ؟ قلت:
بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت:
إني
أُصرَع، وإني أتكشَّف، فادعُ الله لي، قال: "إِنْ شِئْتِِ صَبَرْتِ ولكِ
الجنةُ، وإن شئتِ دعوتُ اللهَ أن يعافِيَكِ"، فقالت: أصبرُ، فقالتْ: إني
أتكشَّفُ،
اللهم ان تجعلنة من اهل الجنة يارب
امين
فادعُ الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها".
إنها امرأة مؤمنة
ابتلاها الله جل وعلا بمرضٍ شديد، فرضيت بقضاء الله وأيقنت بما عند الله
من ثواب الصابرين، وآثرت البقاء على حالها لترقى بهذه العِلَّة إلى
الدرجات العلا، لكنها تعطي درسا عظيما لكل متبرجة أن تحمد الله تعالى على
نعمة العافية وتستمسك بالحجاب الشرعي فهو سبيل عزتها وعنوان مجدها وتاج
كرامتها.. إن كل ما ترجوه هذه المرأة ألا يكون مرضها الذي يخرجها عن وعيها
سببًا في تكشُّف ثيابها، مع أنها وهي في تلك الحالة قد رفع القلم عنها!
لكنها متمسكة بحجابها وحيائها! أين تلك المحتشمة الصابرة من أولئك
العاريات اللائي يظهرن في الشاشات والصحف والمجلات، بل وفي بلاد الغرب قرى
ومنتجعات ونوادٍ ومنتزهات للعاريات يرتعن فيها ويسرحن في أرجائها بهذا
المنظر البهيمي الذي تشمئز منه النفوس وتأباه الفطرة السليمة.