كبيرٌ على بغداد أني أعافُها وأني على أمني لدَيها أخافُها
كبيرٌ عليها بعدَ ما شابَ َمفرقي وَجفّتْ عروقُ القلب حتى شغافُها
تَتَبّعتُ للسَّبعين شطآنَ نهرِها وأمواجَهُ في الليل كيف ارتجافُها
وآخَيتُ فيها النَّخلَ طَلْعاً، فَمُبْسراً إلى التمر، والأعذاقُ زاهٍ قطافُها
تتبَّعتُ أولادي وهم يَملأونَها صغاراً إلى أن شيَّبَتهم ضفافُها!
تتبَّعتُ أوجاعي، وَمَسرى قصائدي وأيامَ يُغني كلَّ نَفسٍ كَفافها
وأيامَ أهلي يَملأ ُ الغَيثُ دارَهم حياءً، ويَرويهم حياءً جَفافُها!
فلم أرَ في بغـداد، مهما تَلَبَّـدَتْ مَواجعُها، عيناً يَهـونُ انذِرافُها
ولم أرَ فيها فَضْلَ نفسٍ وإن قَسَتْ يُنازعُها في الضّائقـاتِ انحرافُها
وكنا إذا أخنَتْ على الناس ِغُـمَّة ٌ نقولُ بعَـون اللهِ يأتي انكشافُهـا
ونَغفو، وتَغفـو دورُنا مُطمئنـَّة وَسـائدُها طُهْرٌ، وطُهـرٌ لحافُها
فَمـاذا جرى للأرضِ حتى تَبَدّلتْ بحيثُ استَوَتْ وديانُها وشِعافُهـا؟
ومـاذا جرى للأرض حتى تلَوّثَتْ إلى حَدِّ في الأرحام ضَجَّتْ نِطافُها؟
وماذا جرى للأرض.. كانت عزيزةً فهانَتْ غَواليها، ودانَتْ طِرافُهـا؟
سلامٌ على بغداد شـاخَتْ من الأسي شناشيلُها.. أبـلامُها.. وقفافُهـا
وشاخَتْ شَواطيها، وشاختْ قِبابُها وشاختْ لِفَرْطِ الهَمّ حتى سُلافُها
فَلا اكتُنِفَتْ بالخمر شطآنُ نهرِها ولا عادَ في وسْع ِ الندامى اكتنافُها!
سلامٌ على بغداد.. لستُ بعاتبٍ عليها، وأنّي لي، وروحي غلافُها
فَلو نَسمةٌ طافَتْ عليها بغيرِ ما تراحُ بهِ، أدمى فؤادي طوافُها
وها أنا في السبعين أُزمِعُ عَوفَها كبيرٌ على بغداد أني أعافُها!
ان شاء الله تنال اعجابكم