بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد .
..
فقد كثرت الشكوى من بعض الفتيات لأوضاعهن وأحوالهن وما يشعرن به من الوحدة والفراغ العاطفي و ما يترتب على ذلك من الحزن والأسى والعزلة أو اللأ مبالاة للدين والعادات وآداب المجتمع .
إن هذه الحالة أعني الفراغ العاطفي لدى الفتاة لها أسباب وعوامل كثيرة . من أهمها حرمان الأسرة لهذه الفتاة من العاطفة والمشاعر ، وكذلك النظرة الإجتماعية والموروث الثقافي والبيئي يلعب دوراً كبيراً في طبيعة التعامل مع الفتاة ومخاطبتها والتواصل معها .
إن الأسرة من الأبوين والإخوة عليهم مسؤلية عظيمة تجاه الفتاة ومشاعرها وإهتماماتها . يجب عليهم أن يعتنوا بها ويربوها على تعاليم الدين والأخلاق الفاضلة ويعطونها ما تحتاجه من العاطفة والمشاعر الجياشة والإهتمام بكل متطلباتها وإحتياجاتها الخاصة التي لا تتنافى مع الشرع والخلق . يجب عليهم أن يملئوا حياتها الوجدانية ويشبعوا رغباتها .
إن الفتاة حال المراهقة لها متطلبات خاصة تحتاج إلى من يتواصل مع فكرها وعاطفتها ولغتها ومشاكلها ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى عناء كبير من الأسرة أو بذل وقت كثير . إنها كلمات مؤثرة وعبارات دلال ومدائح وأفكار جميلة توجه إلى الفتاة ، وفي كثير من الأحيان تحتاج الفتاة إلى من يصغي لهمومها ويتفاعل معها ولو بلغة العيون و ملامح الوجه . المهم في النهاية يتم إحتواء الفتاة وتتحقق سعادتها وولائها للأسرة وشعورها بالإطمئنان والأمان الإجتماعي .
إن إهمال الفتاة خطيئة وأعظم جرماً من ذلك أن يقسو الوالدان أو الإخوة على الفتاة ويسومونها سوم العذاب من ضرب وإهانة وإستهزاء وتهكم وإمتناع من تلبية رغباتها وحرمانها ، بل أعظم من ذلك ظلمها بعدم تزويجها من الكفء الذي ترضاه أو تزويجها برجل لا ترتضيه ولا تهوى معاشرته ، والأم تتحمل نصيباً كبيراً في ذلك .
إن الفتاة إذا أهملت وأوصدت في وجهها الأبواب وإنقطعت عنها الأسباب وصارت محرومة من البسمة والفرحة والكلمة الطيبة والقلب الحنون والبيت الدافئ بالحنان وصادف ذلك ضعف إيمان وقلة وعي حملها ذلك على البحث عمن يتواصل معها ويعوضها الحرمان ويشبع عاطفتها ولو كان بالعلاقة المحرمة وكثير من شباب السوء يستغلون ضعف الفتاة وشتاتها ويوقعون بها .
إن هذه المشكلة بسيطة إن شاء الله إذا تدوركت في البداية وعولجت من قبل الأسرة الواعية . ومع إهمال الأسرة فأخاطب الفتاة الواقعة في هذه المشكلة لأنها هي المعنية ، وألخص حل المشكلة في هذه الوصايا العشرة فأقول لها :
1- لا تيأسي أبداً وأعلمي أن هذا بلاء من الله وإمتحان لك ليرى ماذا تفعلين فأصبري وأحتسبي الأجر من الله .
2- إن كنت حرمت من الأصحاب و ... فأنت بحمد لله تتمتعين بالصحة والعافية والجمال والذكاء وكثير من الصفات الحسنة . فوجهي نظرك إلى ما حباك الله به من النعم وأستثمري ذلك ولا تلتفتي إلى ما نقص منك وفاتك .
3- أحسني الظن بالله ولا تنظري إلى هذه المشكلة ياليأس والحزن بل أنظري لها بعين العبرة والفائدة وأعلمي أنها تشتمل على فوائد كثيرة منها أن تراجعي نفسك وتصححي مسيرتك و .....
4- قوي صلتك بالله بالذكر والقرآن والدعاءوأملئي قلبك بحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم والصالحين . وأستعيني به وتوكلي عليه .
5- هذا واقعك وقدرك كتب عليك لحكمة فيجب عليك أن تتعاملي معه بحكمة و أن تصلحي حالك بنفسك فتكيفي معه وأبحثي عن حلول مناسبة وفرص جديدة .
6- إشغلي نفسك بالبرامج النافعة والإبداع ولا تستسلمي للفراغ القاتل والتحقي بالأنشطة الحسنة وطوري من قدراتك وإمكانياتك . وحاولي إدخال السرور على الآخرين وإسعادهم فإن هذا من أعظم أسباب إنشراح الصدر .
7- إعتني بجمال نفسك ومظهرك وإحترمي ذاتك وطوريها للأحسن بالقراءة و الهوايات المفيدة .
8- تفائلي وأنظري إلى الحياة بنظرة حلوة وأعلمي أن هذه المرحلة ستزول بإذن الله عما قريب فتماسكي وحافظي على دينك وخلقك .
9- إحذري أشد الحذر من اللجوء إلى الصداقات المحرمة والعلاقات المشبوهة وتيقني أن هذا الطريق وإن كانت بدايته جميلة لكن ينتهي إلى خسارة عظيمة وخزي في الدنيا وحسرة وندامة في الآخرة . ولا تثقي بأحد مهما أظهر لك حسن النية وخاطبك بالألفاظ الحسنة وعبارات الحب والغرام .
10- تواصلي مع والديك وإخوانك وقوي صلتك بهم وتحاوري معهم وأوصلي لهم شكواك بطريقة لبقة ومناسبة ولا تنتظري منهم العطاء وتقتصري على اللوم والشكوى بل أنت بادريهم المشاركة وأعتني بإهتماماتهم ومواضيعم ولو كانت تافهة .
فإذا عملت بهذه الوصايا وغيرها من الأمور النافعة ستكون الحياة حلوة في نظرك وتشعرين بالسعادة بإذن الله .
وأخيراً فأنت تمتلكين القدرة والثقة وقادرة إن شاء الله على حل مشكلتك وإصلاح حالك وتغيير حياتك إلى الأفضل فحاولي ولا تيأسي وثقي بالله .
أسأل الله أن يفرج هم كل فتاة ويكشف كربها ويسعدها في الدارين ويحفظها من كل سوء