عناد الطفل إن لم يصل إلى الحد المرضي فهو صرخة استنجاد واستجداء للحب و الحنان
لندن: «الشرق الأوسط»
العناد من السلوكيات التي يتصف بها بعض الأطفال، وتتراوح درجته من طفل إلى آخر، حسب بيئته وتركيبته الشخصية. في العادة ينتهي هذا السلوك مع الوقت أو عندما تتعلم الأم تقلبات مزاجه وكيف تتعامل معه بمرونة إلى أن تطوعه. المشكلة هي ان بعض الأطفال، لسبب أو لآخر، تصل درجة عنادهم إلى درجة مرضية، يغلب عليها الغضب والتمرد، قد يعود الأمر إلى إحساسهم بالغيرة لوجود طفل آخر استحوذ على كل اهتمام الأبوين، أو فقط لأنه تعود على الحصول على أي شيء يطلبه إن هو عاند وبكى. وللأسف فإن الأم هي التي تدفع الثمن لأنها تبقى معه أكثر فترات اليوم. وفي كثير من الأحيان، لا تعرف كيف تتعامل مع عناده وتحاول التغلب عليه بشكل خاطئ، فهي إما ترضخ لطلباته، وإن كانت غير معقولة، حتى «تشتري» راحتها، أو تلجأ إلى التهديد والضرب، متناسية أنه مجرد طفل يبحث عن ذاته أو يحاول استكشاف مدى قدرته على فرض نفسه واستقلاليته على الآخرين، أو ربما هو فقط يريد لفت الانتباه وبعض الحب.
الكثير من سلوكيات العناد تكون مؤشرا لسلوك طبيعي ناجم عن عدم قدرة الطفل على الفصل بين الخطأ والصح في السنوات الأولى، وبالتالي فهي لا تدعو إلى القلق وقد يتجاوزها مع مرور الوقت، شرط أن يتعامل معها الآباء بحكمة حتى لا يصبح هذا السلوك الوسيلة الوحيدة بالنسبة للطفل، للحصول على ما يريده. ويؤكد خبراء التربية أن الآباء، في غالب الأحيان، هم المسؤولون عن تضخم المشكلة، وبالتالي يقع على عاتقهم حلها. وهذه بعض القواعد الأساسية التي عليهم انتهاجها مع الطفل العنيد: ـ أن يتجنبوا الازدواجية في التعامل مع الطفل، ففي اليوم الذي يكون فيه مزاجهم عاليا يسمحون له بكل شيء ويعطونه الانطباع أن كل شيء ممكن ومتاح، وفي اليوم التالي يصبح ما كان بالأمس ممكنا وممتعا أمرا يُنهى أو يعاقب عليه، مما يصيبه بالحيرة وعدم القدرة على فهم الممكن وغير الممكن. ـ التقليل من إعطاء الأوامر وأسلوب النهي والتحريم لكل كبيرة وصغيرة. من الممكن التغاضي عن بعض الأخطاء الصغيرة ـ توجيهه بطريقة هادئة وغير مباشرة، بأن يتم شرح الخطأ بالنسبة له ولماذا يجب عليه ألا يكرره أو لماذا لا يمكنه الحصول على الشيء الذي يلح عليه. ـ الابتعاد عن الضرب أو استعمال لغة التهديد والتحقير، لأن هذا لن يزيده إلا عنادا، بل قد يلجأ إلى أساليب أخرى أكثر إزعاجا. فالطفل يتميز بذكاء فيه بعض المكر أحيانا، فهو قد يستغل فرصة وجود ضيوف في البيت، مثلا، لإحراج الآباء والحصول على ما يريده ـ الابتعاد عن نعته بصفات سلبية مثلا: أنت ولد شقي، أو أنت سيئ، وغيرها من الصفات، لأنها تترسخ في ذهنه، وقد تنمي لديه إما شعوراً بالذنب قد يتحول إلى شعور بالنقص ومن ثم عدم الثقة بالنفس والتردد والخجل، أو بالعدوانية والعنف الناجم عن شعور دائم بالغضب